روى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين " وروى ابن خزيمة فى صحيحه قوله صلى الله عليه وسلم " إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين مردة الجن . . . " . إن الواقع يشهد بأن المعاصى ما تزال ترتكب فى رمضان وغير رمضان ، ومن أجل التوفيق بين الحديث الثابت وبين الواقع المشاهد قال الشراح : إن المراد بتقييد الشياطين فى رمضان عدم تسلطها على من يصومون صوما صحيحا كاملا رُوعيت فيه كل الآداب التى منها عفة اللسان والنظر والجوارح كلها عن المعصية ، استجابة للحديث الذى رواه البخارى : " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس للَّه حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه " أو المراد بالشياطين التى تصفد المردة والجبابرة منهم كما فى رواية ابن خزيمة، أما غيرهم فلا يقيدون ولذلك تقع من الناس بعض المعاصى ، أو المراد أن الشياطين كلها تُغَلُّ بمعنى يضعف نشاطها ولا تكون بالقوة التى عليها بدون أغلال وقيود ، أو المراد : أن المعاصى التى تكون بسبب الشياطين تمنع ، ولكن تقع المعاصى التى يكون سببها النفوس الخبيثة الأمارة بالسوء أو العادات القبيحة أو شياطين الإنس ، ومن هنا نرى أن الحديث لا يصطدم مع الواقع عند فهمه فهما صحيحا ، وذلك ما نحب أن نلفت الأنظار إليه فى فهم نصوص الدين حتى لا يكون هناك شك فى الدين أو انحراف فى الفكر أو السلوك .